تلومني الدنيا-نزار قباني
تلومني الدنيا إذا أحببته ُ
كأنني..أنا خلقتُ الحبَ واخترعتهُ
كأنني أنا على خدودِ الوردِ قد رسمْتُهُ
كأنني أنا التي...
للطيرِ في السماءِ قد علمْتُهُ
وفي حقولِ القمحِ قد زرعْتُهُ
وفي مياهِ البحرِ قد ذوّبْتُهُ..
كأنني...أنا التي
كالقمرِ الجميلِ في السماءِ...
قد علّقْتُهُ...
تلومني الدنيا إذا...
سمّيتُ من أحبْ...أو ذكرتُهُ
كأنني أنا الهوى...
وأمّهُ... وأختُهُ...
هذا الهوى الّذي أتى...
من حيثُ ما انتظرتُهُ
مختلفٌ عن كلِّ ما عرفتُهُ
مختلفٌ عن كلِّ ما قرأتُهُ
وكلَّ ما سمعتُهُ
لو كنتُ ادري انه..
نوعٌ من الإدمانِ...ما أدمنتُهُ
لو كنتُ ادري أنه...
بابٌ كثيرُ الرّيحِ... ما فتحتُهُ
لو كنت ادري أنه...
عودٌ من الكبريتِ...ما أشعلتُهُ
هذا الهوى...أعنفُ حبٍّ عشتُهُ
فليتني حينَ أتاني فاتحاً
يديهِ لي...رددتهُ
وليتني من قبلِ أنْ يقتلني...قتلتُهُ..
هذا الهوى الّذي أراهُ في اللّيلِ...
على ستائري...
أراهُ...في ثوبي...
وفي عطري...وفي أساوري
أراهُ...مرسوماً على وجهِ يدي...
أراهُ منقوشاً على مشاعري
لو اخبروني أنه...
طفلٌ كثيرُ اللّهو والضّوضاء ما أدخلتُهُ
وأنه سيكسرُ الزّجاجَ في قلبي لما تركته
لو اخبروني أنه...
سيضرمُ النيرانَ في دقائقٍ
ويقلّبُ الأشياءَ في دقائقِ
ويصبغُ الجدرانَ بالأحمرِ والأزرقِ في دقائقٍ
لكنتُ قد طردتُهُ...
يا أيّها الغالي الذي...
أرضيت عني الله...إذ أحببتُهُ
هذا الهوى أجملُ حبٍّ عشتُهُ
أروعُ حبٍّ عشتُهُ
فليتني حينَ أتاني زائراً
بالوردِ قد طوّقتُهُ...
وليتني حينَ أتاني باكياً
فتحتُ أبوابي له...وبستُهُ